بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
ما علة وجود الإنسان على سطح الأرض؟ :
أيها الأخوة الكرام:
يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-:
(بادروا بالأعمال الصالحة.)
-ذلك أن علة وجود الإنسان على سطح الأرض: أن يعمل صالحاً, بدليل قوله تعالى:
﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾
سورة المؤمنون الآية:99
﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً﴾
سورة المؤمنون الآية:100
حينما يأتي ملك الموت, لا يتمنى الإنسان إلا أن يكون قد تزود بالعمل الصالح, لأن العمل الصالح عملة الآخرة.
ما ثمن الجنة
هل تستمعون إلى إنسان يسافر إلى بلد بعيد, ليس معه شيء من المال؟ كيف ينفق؟ العمل الصالح: ثمن الجنة:
﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً﴾
سورة الكهف الآية:110
فلذلك يقول -عليه الصلاة والسلام-: بادروا بالأعمال الصالحة.
-العمل الصالح؛ إما أن تبادر إليه, وإما أن يُعرض عليك.
بادر إلى العمل الصالح :
الحديث-: بادروا.
-في إنسان يطرق بابه, يطلب منه مساعدة, يُقدم, هو ينتظر أن يأتيه العمل الصالح, أنت ينبغي أن تبحث عن عمل صالح, أن تبحث عن أخ تعاونه, عن فقير تطعمه, عن يتيم ترعاه, عن طالب علم تتبناه, عن أم وأب تبرهما, عن ابن تربيه, عن دعوة تنشرها, عن عمل صالح تفعله, يجب أن تبحث أنت-.
بالأعمال الصالحة.
إن عرفت الهدف, صحت الحركة
-لو أن إنساناً ذهب إلى بلد ليتعلم, إلى فرنسا, ذهب إلى هناك من أجل أن يأخذ دكتوراه, قد يكون في مليون شيء مغري؛ في مسارح, في نوادي, في -مثلاً- ملاعب, في حدائق, في متنزهات, ما دام هذا الإنسان جاء إلى فرنسا ليأخذ دكتوراه, يجب أن يكون هذا الهدف ماثلاً أمامه دائماً.
بل كنت أضرب مثلاً: لو إنسان سافر لفرنسا, ونام في أحد الفنادق, واستيقظ صبيحة اليوم الأول, لو أنه سألنا: إلى أين أذهب؟ نسأله: نحن لماذا جئت إلى هنا؟ إن كنت جئت طالب علم, اذهب إلى المعاهد والجامعات, وإن جئت تاجراً, اذهب إلى المعامل والمؤسسات, وإن جئت سائحاً, اذهب إلى المقاصف والمتنزهات, أي أن الحركة لا تصح إلا إذا عُرف الهدف, إن عرفت الهدف, صحت الحركة.
هل خطر في بالك هذا السؤال
حسناً: هل أحدنا يسأل هذا السؤال: لماذا أنا في الدنيا؟.
سؤال كبير؛ لكن شدة القرب حجاب, نعمل بعمل يومي آلي, عمل آلي, قد يكون ليس له معنى إطلاقاً, نستيقظ, نأتي إلى أعمالنا, نبيع, ونشتري, نأكل, ننام, نسهر, في اليوم الثاني......
السؤال الخطير, والمزعج: ممكن نستيقظ كل يوم كالسابق إلى ما شاء الله؟ سؤال, الذي يقول لا.....
ممكن تستيقظ كل يوم كالسابق إلى ما شاء الله؟ لا, في أحد الأيام لا بد ما يكون في شيء بالجسم جديد, لم يكن من قبل, فإذا كان هذا المرض مرض الموت, يتفاقم إلى أن ينتهي بالنعوة, أبداً.
هذا كلام واقعي, ولو كان مزعجاً, الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح, في ساعة مغادرة, ساعة مغادرة للدنيا.
ماذا تنتظر من الدنيا
النبي الكريم يقول-: فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا؟.
-لو أن الإنسان أراد الدنيا, أرادها؛ أراد مالها, ونساءها, وبيوتها, وقصورها, ومكانتها, ووجاهتها, ماذا ينتظره منها؟.
قال:- هل تنتظرون إلا -دققوا, في سبعة أشياء- هل تنظرون إلا فقراً منسيا.
-يعني آلاف الحالات, وكيل حصري, الوكالة سحبت من يده, تجارة كبيرة جداً, وقف البيع فجأة, عليه مطاليب فلس-.
هل تنظرون إلا فقراً منسيا؟ -وقد يكون هذا, وما أكثر ما يكون أساساً.
يقول لك: محل فروغه ثلاثون مليون, باعوا بثمانمئة ليرة اليوم, هذا ليس فقراً, هذا في مصاريف, وفي ضرائب, وفي التزامات, لا يوجد, لا يوجد شيء, والله يمتحن الناس, ليس كل الحياة رواج, يأتي رواج, يمتحن الناس, يأتي كساد, يمتحن الناس
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي