يجبُ أن تُشكّل المُعاناة من نوبة قلبيّة أو الإصابة بمشاكل قلبيّة مُنعطفاً للشروع بنمط حياة جديد أكثر صحّةً. يُساعدُ التأهيل القلبي المريضَ بطريقتين. فهو يُساعدُ أولاً على تعافي القلب عن طريق برامج التمارين. وهو يُعطي ثانياً معلومات عن تغييرات نمط الحياة التي يمكنها توفير صحة أكبر للقلب. الركنُ الأساسي في نمط الحياة الصحّي هو الأكلُ الصحي والتمرّن والإقلاع عن التدخين وتخفيف الشدّة. وتكون تغييرات نمط الحياة تلك ضروريّةً للمُساعدة على الوقاية من مشاكل قلبيّة إضافيّة. ومن الأسهل القيام بتلكَ التغييرات بمُساعدة أفراد العائلة أو الأصدقاء أو مجموعات دعم. كما يتوافر فريق دعم التأهيل القلبي للإجابة عن تساؤلات المريض وللتخطيط لبرامج تمرين ونظام غذائي تفي باحتياجاته.
مقدِّمة
يجب أن تكونَ الإصابةُ بمرض قلب بدايةً لاتِّباع نمطِ حياةٍ صحِّية جديد. تساعد إعادةُ تأهيل القلب بطريقتين. الأولى، تساعد القلب على التعافي من خلال برامج للتمارين الرياضية. الثانية، تزوِّد المريض بمعلومات حول كيفية إجراء تغييرات في أسلوب الحياة يمكنها أن تؤدِّي إلى المزيد من الصحَّة للقلب. يُلخِّص هذا البرنامجُ التثقيفي للمرضى بعضَ المعلومات التي تُقَدَّم للمريض خلال برنامج إعادة تأهيل القلب.
القلب
القلب هو أهمُّ عضلة في الجسم؛ فهو يضخُّ الدم باستمرار إلى جميع أنحاء الجسم؛ ويحمل الدمُ بدوره المغذِّيات والأكسجين. يحتاج القلبُ الى مغذِّيات وأكسجين أيضاً. يضخُّ القلبُ الدمَ إلى نفسه عبر الشرايين. وتُسمَّى الشرايين التي تزوِّد القلب بالدم "الشرايين التاجية".
تضيُّق الشرايين التاجية
يمكن أن يؤدِّي ضغط الدم المرتفع الى إلحاق الضرر ببطانة الشرايين التاجية، ممَّا يجعلها خشنة. وتلتصق المواد الدهنية، مثل الكولستيرول، بالبطانة الخشنة، وتتجمَّع في الشرايين. ونتيجة لذلك، تتشكَّل لويحات على الجدران الداخلية للشرايين. تسبِّب اللويحاتُ ورواسب الكولستيرول على جدران الشرايين التاجية تضيُّقَ الشرايين عادة. وتُعرف هذه الحالة "بالتصلُّب العصيدي".
الذبحةُ القلبية (الخَنّاق) والنوبة القلبية والسكتة الدماغيَّة
يمكن أن يؤدِّي تضيُّقُ الشرايين إلى انخفاض إمداد الدم الى القلب. عندما ينخفض انسيابُ الدم إلى القلب، قد يسبِّب ذلك ألماً أو ثقلاً في الصدر او ضيقاً في التنفُّس. وتُسمَّى هذه الحالة "الذبحة القلبية" أيضاً. يمكن أن يحدث الألم أحياناً في منطقة المعدة، أو في وسط الظهر أو الذراع الأيسر، أو الفك. عندما يصبح التضيُّق شديداً بنسبة كافية، يمكن لمجرى الدم أن ينسدَّ تماما؛ وتسبِّب هذه الحالة نوبةً قلبية. خلال النوبة القلبية، يموت جزءُ القلب الذي لا يتلقَّى الدم؛ ويواجه القلبُ عندئذ صعوبةً في ضخِّ الدم إلى بقية أنحاء الجسم. قد تحدث نوبةٌ قلبية دون وجود أيِّ إجهاد؛ وتكون أعراضُها شبيهة بأعراض الذبحة القلبية. في بعض الأحيان، من المحتمل أن تنفصلَ قطعةٌ من لويحة من شريان متضيِّق لتنتقلَ إلى شريان في الدماغ. تسدُّ هذه اللويحة الشريان، وتوقف إمداد الدم إلى ذلك الجزء من الدماغ. وتُسمَّى هذه الحالة بالنوبة أو السكتة الدِّماغية. يمكن أن تؤدِّي السكتةُ الدماغية إلى غيبوبة أو الى الموت. وتشتمل عَلاماتُ السكتة الدماغية على ما يلي :
تنمُّل مفاجئ أو ضعف في الوجه أو الذراع أو الساق، وخاصَّة على أحد جانبي الجسم.
تخليط فجائي، صعوبة في النطق أو الفهم.
صُعوبة فجائية في النظر في إحدى او في كلتا العينين.
صُعوبة في المشي أو دوار أو فقدان التوازن والتناسُق.
صُداع شَديد من دون سببٍ معروف.
إذا رأى المريضُ أو عانى من أيٍّ من هذه الأعراض، فيجب أن يتَّصل بقسم الطوارئ، حيث يمكن أن يكون العلاج أكثرَ فعَّالية إذا ما اُعطي بسرعة؛ ففي هذه الحالات، لكلِّ دقيقة أهمِّيتها. يمكن أن تمنع التغييراتُ في نمط الحياة، بإذن الله، حصولَ ضرر إضافي في الشرايين التاجية كما يمكن أن تقلل من مخاطر الإصابة بالسكتة. ويساعد برنامجُ إعادة تأهيل القلب على فهم وتجنُّب أمراض الشريان التاجي.
التمارينُ تحت المراقَبة
إن ممارسة التمارين تحت إشراف الطبيب تحسِّن وظائف القلب. وخلال برنامج إعادة تأهيل القلب، تزداد صعوبةُ برنامج التمارين تدريجيا تبعاً لتقدُّم المريض فيها. قد يُطلب من المريض استخدامَ جهاز لمراقبة القلب وقياس معدَّل ضربات القلب في أثناء ممارسة التمارين الرياضية. وقد يشعر المرضى الذين خضعوا لجراحة في القلب بالانزعاج بسبب شق العملية خلال التمارين الرياضية. ولكنَّهم يحتاجون إلى تعلُّم التمييز بين الانزعاج من هذا الألم وبين الانزعاج من الألم الذي يسببِّه الإفراط في التمارين. يجب على المريض الإبطاء وإخطار الطبيب أو الاختصاصي بإعادة التأهيل إذا شعربما يلي:
خفقان القلب.
الدوخة.
الغثيان.
التعب الشَّديد.
ألم في الصدر.
الوقايةُ من مرض الشريان التاجي
سوف يشرح الطبيبُ أو الاختصاصي بإعادة التأهيل ويجيب على أسئلة المريض حول عوامل الخطر في مرض الشريان التاجي. و "عامل الخطر" هو ما يزيد من فرص الإصابة بمرض القلب. يمكن للشخص، بإذن الله، التحكُّمُ بالعديد من العوامل التي تؤدي إلى تضيُّق الشرايين التاجية. العوامل الرئيسية التي تزيد من خطر الإصابة بالتصلب العصيدي هي:
المستوى العالي من الكولستيرول.
ضغط الدم المرتفع.
التدخين.
عدم ممارسة الرياضة.
الإجهاد النفسي.
السمنة.
داء السكَّري.
سوف تشرح الأقسام التالية كيفيةَ تجنُّب مرض الشريان التاجي من خلال الحمية، وممارسة الرياضة، وتجنُّب السلوكيات الخطرة.
الطعام الصحِّي
يساعد تناولُ الطعام الذي يتضمَّن نسبة منخفضة من الكولستيرول على خفض مستويات الكولستيرول والدهون في الدم. قد يحتوي الطعام الذي نتناوله على دهون مشبعة ودهون غير مشبعة؛ والدهون غير المشبعة صحِّية أكثر من الدهون المشبعة. الدهونُ المشبعة موجودة في منتجات الألبان، مثل منتجات الحليب الكامل الدسم والزبدة والجبن. يجب تجنُّبُ الأطعمة المقليَّة؛ فالطعامُ المقلي عموماً، فيه من الدهون أكثر من الأطعمة المشوية في الفرن أو على الفحم. ولذلك، لا بُدَّ من الانتباه لنسبة الكولستيرول في الأطعمة؛ فعلى سبيل المثال، يحتوي صفار البيضة على نسبة عالية من الكولستيرول. يجب تناولُ المزيد من اللحوم البيضاء والأسماك البيضاء بدلاً من اللحوم الحمراء؛ فاللحومُ الحمراء والمحار يحتويان على نسبة عالية جداً من الكولستيرول والدُّهون.
التحكُّم بضغط الدم
يؤدي ضغطُ الدم العالي، ويُسمَّى فرط ضغط الدم أيضاً، إلى تضيُّق أوعية الدم في القلب والدماغ والكليتين. ويمكن أن يؤدِّي ذلك إلى نوبات قلبية وسكتات دماغية وفشل في الكليتين. يجب على المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أن يخفِّفوا من كمِّية الملح التي يتناولونها؛ فالملحُ يميل إلى رفع ضغط الدم، والذي يؤدِّي بدوره الى زيادة احتمال تضيُّق الشرايين. وهناك بدائل عديدة للملح يمكنها أن توفِّر مذاقاً ممتازاً من دون الملح الضار. ولكن، يجب أن يحصل المريضُ على موافقة طبيبه لاستخدام بديل للملح. قد لا تظهر أعراضُ فرط ضغط الدم. لذلك، من المهمِّ فحص ضغط دَّم المريض دائماً.
الإقلاع عن التدخين
التدخين هو من العوامل الرئيسية التي تسبِّب مرض القلب، كما يسبِّب سرطان الرئة والنُّفاخ الرئوي والسكتات الدماغية. الإقلاع عن التدخين أمر صعب. ولكن، هناك ولله الحمد برامج عديدة لمساعدة الشخص على التوقُّف عن التدخين. ويستطيع الاختصاصي بإعادة تأهيل القلب أن يساعد المريض في الإقلاع عن التدخين.
ممارسة التَّمارين الرياضية
تؤدِّي ممارسةُ التمارين الرياضية إلى خسارة الوزن، والذي قد يؤدِّي بدوره الى خفض مستويات الكولستيرول الإجمالية وضغط الدم. سوف يساعد الاختصاصي بإعادة تأهيل القلب على إدخال برنامج للياقة البدنية في جدول عمل الشخص اليومي أو الأسبوعي لمساعدته في الاستمرار بممارسة التمارين الرياضية على نحو منتظم.
السمنة أو البدانة
يمكن أن تؤدي السمنة أو البدانة أيضاً إلى الإصابة بمرض القلب، فضلاً عن داء السكَّري وفرط ضغط الدم. يمكن أن تساعد الحميةُ المتوازنة وممارسة التمارين الرياضية على فقدان الوزن الزائد. يجب ان يكون فقدانُ الوزن بطيئ، وليس باتِّباع "حمية قاسية"؛ فعلى سبيل المثال، من الأفضل فقدان 10 كيلوغرامات خلال سنة والمحافظة على الوزن الجديد، من فقدان الوزن بسرعة، ثمَّ استعادته ثانية. يستطيع اختصاصيُّ إعادة تأهيل القلب واختصاصي التغذية مساعدة المريض على تحقيق هذا الهدف. لكنَّ الأمر يعود للمريض لتنفيذ هذا البرنامج.
معرفة عوامل الخطورة الأخرى
تستطيع عواملُ الخطورة الأخرى أن تساهم أيضاً في الإصابة بمرض القلب، حيث تزيد إصابة أشخاص في العائلة بمرض القلب من احتمال إصابة المرء بمشاكل في القلب. يتعرَّض الناس الذين يعانون من داء السكَّري أكثر للإصابة بمرض القلب. والسكَّري داءٌ يصبح فيه الجسم عاجزاً عن التعامل بشكل جيِّد مع السكَّر في الدم، الأمر الذي يؤدِّي إلى ارتفاع مستوى السكَّر في الدم. أسبابُ داء السكَّري غير معروفة. لكن بمعرفتنا أنَّه عامل خطر لتضيُّق الشرايين التاجية، يمكن تشخيص الإصابة به في وقت مبكِّر، كما يمكن السيطرة على داء السكَّري من خلال الحمية والأدوية والتمارين الرياضية وتخفيف الوزن. بالإضافة إلى تغيير نمط الحياة، يمكن استخدامُ مزيج من الأدوية المناسبة لتخفيف خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية في المستقبل:
- موسِّعات الشرايين والأوعية الدموية، التي تخفض ضغط الدم من خلال إرخاء الأوعية الدموية وتوسيعها.
الأسبرين، الذي يقلِّل من احتمال تشكُّل جلطات الدم.
- الستاتين، الذي يخفِّف "الكولستيرول الضار LDL" الذي يمكن أن يتراكمَ في الشرايين.
حاصِرات بيتا Beta Blockers، التي ترخي عضلة القلب، وتسمح له بضخِّ المزيد من الدم بسهولة.
الخلاصة
يجب أن تكون الإصابةُ بنوبة قلبية أو مواجهة مشاكل في القلب بداية لنمط حياة جديدة أكثر صحِّية. المفتاحُ الى نمط حياة صحِّية هو تناولُ الطَّعام الصحِّي، وممارسة التمارين الرياضية، والإقلاع عن التدخين، وتخفيف الإجهاد. وتعدُّ هذه التغييرات في نمط الحياة ضروريةً للمساعدة على الوقاية من مشاكل القلب. من الأسهل القيام بهذه التغييرات في نمط الحياة بمساعدة أفراد الأسرة، والأصدقاء، أو مجموعات الدَّعم والمساندة. اذا كان المرء يعاني من مرض القلب، فعليه مراجعة طبيبه وفريق إعادة تأهيل القلب للإجابة عن أسئلته ولوضع برامج خاصَّة به من تمارين وحمية غذائية.