قال ابن إسحاق : فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه ، فمات منه شهيدا . قال ابن إسحاق : حدثني معاذ بن رفاعة الزرقي ، قال : حدثني من شئت من رجال قومي : أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من إستبرق ، فقال : يا محمد ، من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء ، واهتز له العرش ؟ قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه إلى سعد ، فوجده قد مات [ ص: 251 ]
قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت : أقبلت عائشة قافلة من مكة ، ومعها أسيد بن حضير ، فلقيه موت امرأة له ، فحزن عليها بعض الحزن ، فقالت له عائشة : يغفر الله لك يا أبا يحيى ، أتحزن على امرأة وقد أصبت بابن عمك ، وقد اهتز له العرش
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري ، قال : كان سعد رجلا بادنا ، فلما حمله الناس وجدوا له خفة ، فقال رجال من المنافقين : والله إن كان لبادنا ، وما حملنا من جنازة أخف منه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن له حملة غيركم ، والذي نفسي بيده ، لقد استبشرت الملائكة بروح سعد ، واهتز له العرش .
قال ابن إسحاق : وحدثني معاذ بن رفاعة ، عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح ، عن جابر بن عبد الله ، قال : لما دفن سعد ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسبح الناس معه ، ثم كبر فكبر الناس معه ، فقالوا : يا رسول الله ، مم سبحت ؟ قال : لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره ، حتى فرجه الله عنه [ ص: 252 ] قال ابن هشام : ومجاز هذا الحديث قول عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للقبر لضمة لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد بن معاذ قال ابن إسحاق : ولسعد يقول رجل من الأنصار :
وما اهتز عرش الله من موت هالك سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو
وقالت أم سعد ، حين احتمل نعشه وهي تبكيه - قال ابن هشام - وهي كبيشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبد بن الأبجر ، وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج :
ويل أم سعد سعدا صرامة وحدا
وسوددا ومجدا وفارسا معدا
سد به مسدا يقد هاما قدا
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل نائحة تكذب ، إلا نائحة سعد بن معاذ