الحمد لله
ذبيحة الجنب والحائض حلال ، ولا إثم عليه في ذلك .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ( وإن كان جنبا جاز أن يسمّي ويذبح ) .
وذلك أن الجنب له التسمية ولا يُمنع منها ؛ لأنه إنما يمنع من القرآن لا من الذكر ، ولهذا تشرع له التسمية عند اغتساله ، وليست الجنابة أعظم من الكفر ، والكافر يسمي ويذبح . وممن رَخص في ذبح الجنب : الحسن والحكم والليث والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي . قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا منع من ذلك . وتباح ذبيحة الحائض ؛ لأنها في معنى الجنب " انتهى من "المغني" (11/61) . وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/74) : " نقل ابن المنذر الاتفاق [ على حل ] ذبيحة الجنب ، قال : وإذا دل القرآن على حل إباحة ذبيحة الكتابي مع أنه نجس ، فالذي نفت السنة عنه النجاسة أولى . قال : والحائض كالجنب " انتهى .
واستدل الفقهاء لذلك بما رواه البخاري (5501) عن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ ، فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا فَقَالَ لأَهْلِهِ : لا تَأْكُلُوا حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ ، أَوْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعَثَ إِلَيْهِ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِهَا .
(سَلْعٍ) : جبل معروف بالمدينة .
(أَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا) أي : شارفت على الموت .
قال في شرح المنتهى (3/417) : " ففيه إباحة ذبيحة المرأة والأمة والحائض والجنب ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عنها " انتهى .
والله أعلم .