الحديث الحادي عشر
عَنْ أَبي مُحمَّدٍ الحسَنِ بْنِ عليّ بْنِ أبي طَالِب، سِبْطِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَيْحَانَتِهِ رضيَ اللهُ عنهُما، قالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم:"دَعْ ما يَرِيبُكَ إلى مَا لاَ يَرِيُبكَ"روَاهُ التِّرْمِذيُّ وَالنَّسَائي، وقالَ التِّرْمِذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
معنى الحديث :
سِبْطِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أي ابن ابنته الحسن ابن فاطمة رضي الله عنهما وأرضاهما
والسبط : هوابن البنت، وابن الابن يسمى: حفيداً،
وأما قوله: وَرَيحَانَتهُ : الريحانة هي تلك الزهرة الطيبة الرائحة،وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين بأنهما ريحانتاه
ღ ღ ღ
"دع ما يَرِيبك " دع ما تشك فيه من الشبهات.
"إلى ما لا يَرِيبك" إلى ما لا تشك فيه من الحلال البَيِّن.
إن ترك الشبهات في العبادة والمعاملات والمناكحات وسائر أبواب الأحكام، والتزام الحلال في كل ذلك، يؤدي بالمسلم إلى الورع، وقد سبق في الحديث السادس أن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، وأن الحلال المتيقَّن لا يحصل للمؤمن في قلبه منه شك أو ريب، أما الشبهات فيرضى بها الإنسان ظاهراً، ولو كَشَفْنَا ما في قلبه لوجدنا القلق والاضطراب والشك، ويكفيه هذا العذاب النفسي خسارة معنوية، والخسارة الكبرى والهلاك الأعظم أن يعتاد الشبهات ثم يجترئ على الحرام، لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
ღ ღ ღ
تعارض الشك واليقين:
إذا تعارض الشك مع اليقين، أخذنا باليقين وقدمناه وأعرضنا عن الشك.
أما من يخوض في المُحَرَّمات الظاهرة، ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشُّبَه، فإن ورعه هذا ثقيل ومظلم، ويجب علينا أن نُنْكِر عليه ذلك، وأن نُطالبه بالكَفّ عن الحرام الظاهر أولاً.
سأل رجل بشير بن الحارث عن رجل له زوجة وأُمُّه تأمره بطلاقها، فقال: إن كان بَرَّ أُمَّه في كل شيء ولم يَبْقَ من بِرّها إلا طلاق زوجته فليفعل، وإن كان يبرها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أُمِّه فيضربها فلا يفعل.
ღ ღ ღ
الصدق طمأنينة والكذب ريبة:
وعلامة الصدق أن يطمئن به القلب، وعلامة الكذب أن تحصل به الشكوك فلا يسكن القلب له بل ينفر منه.
الفوائد:
- يرشدنا الحديث إلى أن نبني أحكامنا وأمور حياتنا على اليقين.
- الحلال والحق والصدق طمأنينة ورضا، والحرام والباطل والكذب ريبة وقلق ونفور .
-
أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً،
لأن هاتين الجملتين:"دع مايريبك إلى مالايريبك" لو بنى عليهما الإنسان مجلداً ضخماً لم يستوعب ما يدلان عليه من المعاني.