لهذا كانت هناك الزوجة التي تستخدم أولادها سلاحاً تشهره ضد طليقها، والأخرى التي تتصرف بنضج وعقلانية؛ فتفتح صدرها لإقامة صداقة لمصلحة أبنائها مع طليقها.
عن خطوط هذه الصداقة وقواعدها وأثرها، أفرد الدكتور «شريف أبو فرحة»، المحاضر الجامعي وخبير التنمية البشرية، بحثاً شيقاً ومفيداً :
أطفالك ليسوا سلاحاً
كثيرون هم الآباء والأمهات الذين لا يدركون مدى خطورة استخدام الأبناء كسلاح جذب أو تدمير وتشويه، يُطلقه أحدهما ضد الطرف الآخر، لهذا عليك أن تنتبهي لعدة أمور...
* فرق كبير بين أطفال تربوا في بيوتهم تحت إشراف مربيات، وآخرين تربوا تحت إشراف أمهاتهم داخل سجون -بحسب دراسة أميركية- فإن نتائج الفريق الثاني وقدرتهم على التحصيل أعلى من نظرائهم الذين تربوا في البيوت بعيداً عن إشراف أمهاتهم.
* الطلاق لا يعني نشوب الحرب بين الطرفين، ومن ثم فإن العاقلين يعرفون كيف تستمر الحياة بعد الانفصال، مع عدم تدمير النتائج التي تحققت؛ وهم الأبناء!
* من الخطأ أن يظن الأب أو الأم أنهما يستطيعان أن يربيا أبناء أسوياء دون وجود الطرف الآخر على الهامش، بشرط أن يظهر بصورة مقبولة دون تشويه.
* لو سعت الأم لتشويه صورة الأب الغائب عن عيون أولاده، أو سعى الأب لتشويه صورة الأم، يكون التدمير الحقيقي للأبناء.
* الاحترام والتقدير والتحضّر في التعامل معاً، فيما يخص الأبناء، يتيح لهم فرصة تنشئة سوية.
التفاهم والصداقة
هناك فرق كبير بين الصداقة وحالة استمرار حياة الزوجين معاً، وبين صداقة تُقام لمصلحة الأبناء وحدهم؛ الأول مطلب يسعى إليه الطرفان بحب ونعومة، والثاني صيغة اضطرارية للتفاهم من أجل طرف ثالث؛ وهم الأبناء، من هنا كانت صعوبة تقبّلها من الطرفين، وحتى نجعل الانتقال إلى هذه المرحلة الجديدة أكثر راحة وسهولة -كما يقول مضمون البحث- هناك 5 قواعد:
أولاً: إيجاد وسيط مشترك؛ طرف ثالث محايد يستطيع أن يصل إلى أسلوب تفاهم مشترك يساعد على حل الأزمة؛ قريباً، أو صديقاً، أو مستشار علاقات زوجية.
ثانياً: تحديد قواعد تشمل رعاية الأبناء وزياراتهم، إضافة إلى الرحلات الأسبوعية أو الشهرية التي يمكن ترتيبها إن أمكن، مع تحديد أوقات المواعدة والمقابلة مع أشخاص آخرين.
ثالثاً: تجنّب الكلام المسيء للطرف الآخر في وجوده أو عدم وجوده، خصوصاً أمام الابن، ما يُعزز الثقة والاحترام بين الطرفين.
رابعاً: التركيز على الإيجابيات؛ بمعنى أن زيارة الأب أو الأم المطلقين يعزز شعور الابن بوالديه، مما ينعكس إيجابياً على شخصيته، ولا مانع من أن تتمني لابنك رحلة سعيدة وممتعة مع والده إن حدث.
خامساً: تذكري أيتها الأم دائماً أن انفصالكما ليس آخر الدنيا؛ انسي الماضي وعيشي الحاضر، وتوقعي فرصاً أخرى؛ للعثور على شريك جديد مناسب، فالطلاق لا يعني أنك شخصية سيئة.
خطوات تطبيقية لصداقة حقيقية
1- ألا تفكر الزوجة الأم في منع أبنائها من رؤية الطرف الآخر، وبالشكل المريح السعيد.
2- لا تفكري في اتهام الطرف الآخر أمام الأبناء أو تحميله المسؤولية أبداً.
3- الأبناء سيكبرون يوماً ما ويدركون ويقيّمون كل شيء، وقتها ستكون النتائج في غير مصلحة الطرف المخطئ.
4- ألا تفكر الزوجة -أو الزوج- في نعت أولادها بصفات سيئة وإلصاقها بوراثتها من الطرف الآخر؛ فهذا يجعل الابن يكره نفسه ويكره من حوله.
5- ولدك أمانة لديك، لا ذنب له في فشلكما في الاختيار المناسب؛ فلا تحمّليه مسؤولية غضبك، ولا تجعليه متنفسك.. فهذا يقتله كل يوم ألف مرة.
6- اسمحي لابنتك -أو ابنك- أن تعبّر عن مشاعرها الطيبة نحو الطرف الآخر الغائب، فهذا يجعلها تشعر بالأمان والرضا، ولا تغضبي من هذه المشاعر، ظانة أنها تحمل للطرف الآخر حباً أقوى مما تحمله لك.
7- اعرفي أن كل ابن يحمل لكل منكما مشاعر تخصه؛ يحملها في قلبه بشكل تلقائي، والخوف أن تفسد هذه المشاعر البريئة بتدخلك.
8- استثمارك في أبنائك يفشل حين تضطرب أوضاعهم، فاعملي على جعلها مستقرة؛ حتى تستقر حياتهم، وتربحي استثمارك الأهم في الحياة.